الفن السعودي- من طاش ما طاش إلى شارع الأعشى وقصص الحب العذري
المؤلف: عقل العقل10.03.2025

في الماضي، كانت المسلسلات والمسرحيات الكويتية سائدة في منطقة الخليج العربي، بما في ذلك المملكة العربية السعودية. كان تأثير هذه الأعمال الفنية قويًا لدرجة أن الكثيرين كانوا يحفظون أجزاءً كاملة منها، وعلى رأسها المسلسل الشهير "درب الزلق" بنجومه البارزين مثل عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وعلي المفيدي. على الرغم من التحديات الاجتماعية والثقافية التي واجهها الفن في السعودية، والاعتراضات الشديدة من التيارات المتشددة التي كانت تفرض سيطرتها على المجتمع، إلا أن هناك أعمالًا فنية بارزة ظهرت، خاصة في مجال الكوميديا الاجتماعية.
تبرز في هذا السياق سلسلة "طاش ما طاش" التي قدمت العديد من النجوم السعوديين وناقشت قضايا اجتماعية حساسة. واجه هذا العمل حملات تشويه من قبل تيارات صحوية كانت تحرم الفن بذريعة الحفاظ على القيم، وتسعى لفرض أجنداتها على المجتمع بأكمله. في تلك الفترة، شهدت محلات التسجيلات الفنية تحولًا قسريًا إلى تسجيلات إسلامية، وفي ظل هذا المشهد الفني المتواضع، كانت المسلسلات والأفلام المصرية تعرض قضايا المجتمع العربي مثل مشاكل السكن والطلاق والحب. غالبية هذه الأعمال كانت أفلامًا تجارية تهدف إلى الربح السريع، وقد انتشرت بشكل واسع خلال فترة التحول الاقتصادي والسياسي في عهد الرئيس المصري أنور السادات. ومع ذلك، كان هناك بعض الأعمال الفنية المحلية والعربية المضيئة التي تستحق الذكر.
مع إطلاق رؤية المملكة 2030، بدأ الاهتمام يتزايد بالجوانب المتعددة في المجتمع السعودي، وليس فقط بالاقتصاد. نشهد الآن حراكًا فنيًا متعدد الأوجه، يتجسد في إقامة الحفلات الموسيقية لفنانين محليين وعرب وأجانب في مختلف مدن المملكة، بالإضافة إلى دعم إنتاج الأفلام وتطوير دور السينما. بدأت الأفلام السعودية تحقق نجاحات كبيرة في شباك التذاكر المحلية وعلى المنصات التلفزيونية العالمية. خلال شهر رمضان هذا العام، حققت العديد من الأعمال الدرامية السعودية نسب مشاهدة عالية داخل المملكة وفي العالم العربي، ومن بينها مسلسل "شارع الأعشى" الذي يروي قصة مجتمع يعاني من القيود المفروضة باسم العادات والتقاليد الدينية من قبل بعض الجماعات المتطرفة.
على الرغم من العزلة الاجتماعية التي كانت مفروضة على المجتمع، تقدم الكاتبة بدرية البشر صورة واقعية عن حياة المرأة في تلك الحقبة، التي تمثل بداية الحداثة والانتقال من المجتمع الريفي البدوي إلى مجتمع ما بعد اكتشاف النفط. يصور العمل التحديات التي واجهت المرأة السعودية من تهميش وإقصاء، ولكنه في الوقت نفسه يظهر صورًا للحب والعشق والرقص للنساء، وهو ما يحاول البعض إنكاره بدعوى أنه يشوه صورة المرأة السعودية. نشاهد الآن مشاهد الحب البريء من خلال تبادل النظرات والكلمات بين الأحبة من أسطح المنازل، وكأننا نشاهد قصص الحب الخالدة في مسلسل درب الزلق، حيث الساعات الطويلة التي يقضيها العشاق في مناجاة بعضهم البعض، وتتوج هذه القصص بالزواج المبارك. أصبحنا نعيش واقعنا وماضينا من خلال هذه الأعمال الدرامية التي يقدمها فنانون وفنانات سعوديون يتقنون لهجات مناطقنا المختلفة ويشبهوننا في ملامحنا وطباعنا، مثل ريم عبدالله وإلهام علي وميلا الزهراني وغيرهن الكثير.